Pages

Saturday, February 28, 2009

غربة فرج-الحلقة السادسة-حكمة مجرّب

"حكمة مجرّب"
 


"غابت شمس اليوم  وصار الوضع جنون" , تفريغ حقائب  , ترتيب هنا وتنثير هناك , هذا يضحك على الدشداشة اللي بتخايل والآخر يضحك على البيجامة مثل مفرش الأكل  , هذا "وين بقيه أسنان مشطك؟؟ ", والآخر "الله يخلي لنا ساعة الحيط اللي بأيدك" , خفة الدم محسومة من أولها لصالح من ؟؟ فرج أبو العثاير مثل  "Mr. Bean " , نكتة وراء نكتة, وابن المدينة النغش لا يلحق بأخذ أنفاسه من الضحك والصهللة , وفي كل آخر نكتة  " هاذي أول مرة بسمعها ...الله يخليك  تعيدها " , وفرج " كنك يا زلمة باقي عايش بين القبور محدّش بنكّت عندكم , ولا شايف سمعة في مسلسل أبو عواد" , " لا يا زلمة عندي طحشة نكت بتفطسك من الضحك" ,والله لا يورّيكم , فشل ورى فشل  , كلها نكت ناكته من أيام فهد بلّان وسميرة توفيق  , راحت ما تخنق فرج  وتجيب له جلطة , وآخرها قفلها , "بقولك ليش الرقم سيكس خايف من الرقم سڨن " , "فرج: لييييييييييش؟؟؟؟" , "لا , بدك تحزر ", وفرج ميت من الجوع , بفكّر شو بدو يتعشى , وبعد استهلاله تفكير  , "لييييييييييش؟؟؟؟"  , "لأنه سڨن أيت ناين" , وخذلك يا فرج  صفنة طويلة, ومن ثم مقاطعة من تامر "ولك لأنّ السبعة أيت=أكلت التسعة , سڨن أيت ناين " , مجّة من الأعماق من سيجارة جولد ستار , تلحقها تعشيقة طويلة بتولّع منقل فحم , وفرج "جيرة الله عليك , ترحمنا من نكتك, بكرة لمّا إدّرّس الطلاب , اللي بدّك تشلّه ولّا تعاقبه.... لا تظربه , بس احكي له نكتتين من النكت اللي حاكيتهم إلي , هاي الطويلة اللي زي القصص ,أو العتق القدام أيام ما كنّا بالسادس , وإذا مصر تظربه , جيبها حجة بحاجة , خصوصا إنك مدرس رياظيات , حزروا هاي تاعت الأرقام المفترسة الستة والسبعة واللي بكلوا بعظ , وكل غلطة.. إصلخوا  عصاي" . وهكذا والساعات تمضي افيهات ونكشات ولاد البلد , تعارف طردي مصحوب بمزاح خفيف قريب على القلب وتعليقات  لطيفة  فكلاهما يتصرف على سجيته , مما سارع بالتآلف البائن .وعلى ذكر ما هو بائن , أيضا الجوع عليهما بائن , فرج : "وصي لنا على ميّه سخنة, حسويلك كاسه شاي بالميرمية , وذوقك مقدوسات ولبنة الحجة " , "يخلي لك الحجة لاحقيين على هاي الأصص , خلينا ننزل على المطعم اللي تحت شكلوا بيهوس " .
وينك يا مطعم , عشاء مع الموسيقى والحلويات "أم علي" وأخونا تامر ناسي محفظته بالغرفة وحاسب يا فرج , ومن ثم التمدد على الكنب الجلد ببهو الفندق, مع قدوم احد الأساتذة , "أخوكم عزّام , شفتكم بالسفارة والمطار " , ترحيب ---تعارف,  واطلب يا تامر "Single Espresso" للشباب على حساب فرج , مع رؤية فرج القهوة بقاع الفنجان "الله يقطعكم.... شو هاظ... جايب لنا قهوة نحلف عليها, ولويش الفنجان؟؟, ما ترسموها على الصينية", وتامر "هاذي قهوة إيطالية  مركزة..... ....شايف الشوية اللي مش عاجبينك ..بدوزنه طاسة راسك " , ومناولة العامل الفاتورة بستة دنانير خليجي و كالعادة قام بالضرب باثنين , وبصوت منخفض يكاد أن يكون همسا لتامر  ".إطناشر دينار اردني—يا "خاجقجي"--.على أيش؟؟..أكيد مبسوط. عشاء وأموره تعزف لك على الكمان ..وتحلاه بأم على وقهوة حثل. بس مو ناقصنا إلا رحلة على البحر.. .والله إذا بظلي ورى دواوينك, لا تجيب لي الدّور , وبرجع لأهلي مديون من راسي لساسي , ,وإذا ظربها القرد برجه لهم زي الأفلام المصرية راديو وشويت هلاهيل  " , ضحك متصل من تامر.... ومقاطعة من عزّام , "على فكرة يا شباب. الغربة هاي , عايش فيها من بعد التوجيهي , دراستي ستة سنين بروسيا و سنتين خدمة علم وزّعوني فيها على الحدود , بعدّها غربة, وستة سنين بليبيا , والآن الخليج , يعني 14 سنة, والحاسبة عم بتحسب , أحلى ما فيها , بتعرف الناس على حقيقتها ..غربة يوم عن سنين ببلدك وبين أهلك وأصحابك, وأحلى غربة بتعيشها وتتمنى أن عمرك يوقف عندها , أيام  الدراسة , لأنه معظمنا يؤخذ مصروفه , وأغلبنا مش مسؤول إلا عن نفسه , ويخلف عليه إذا جاب الشهادة , لأنه بعدها , اللي أخذوا "أح الأح----بدوا يرجعوا دح الدح " , بتعيش كل الكوميديا والدراما , وأيامها ما بتكرر , بتعيش حياه وتخوض تجارب , بس ما بتعرف الرجال عن حق,  إلا لما ترى الرجال تصرف وتعتمد على كيسها , خصوصا في الغربة , ومن أهم الأشياء اللي تعلمتها , أن لا أعيش غربتي على أساس هذه اللازمة بين ضرب وقسمة, وخصوصا الخليج نظرا لفرق العملة, فالمغترب يقضي شهورا وهو يعاين مشترياته برفقة آلة حاسبة مقارنة بين هنا وهناك, يستكثر مشترياته  في الغربة بعمليات الضرب مقارنة لو أنه أشتراها ببلده , وعندما يعود يستكثر مشترياته ببلده بعمليات القسمة مقارنة لو أشتراها في الغربة . تراها ضرب وقسمة , وأنا أراها أسّ مشاكل المغترب , خصوصا الذي أجتثه الحاجة أو الدين من أرضه وأهله ليحسن وضعه ويعيش هنيئا كريما بوطنه , يسابق الزمن بعقد عمل أقصاه سنتين قابل للتجديد وزيدوا على ذلك تحت رحمة الكفيل. لذلك ما في إلا ثلاث مجموعات من المغتربين  , الصّريفة , و بين البينين , و الكحتين .
 الصرّيفة معظمهم مش داري وين ربنا حاطوا , يصرفوا ويعرطوا , وما بظل بجيبتهم  شلن=خمس قروش , وكثيرا ما تجدهم يتداينون على حساب العنج هيه الكذّابة ,عائشين على فاشوش , وقليل جدا على الأصابع بتزيد الفلوس معهم ما بتنقص , الأغلبية , "يا أبو زيد ما غزيت " , معظمهم يرجهوا لبلادهم منفضين أو بظلهم بالغربة لأنهم مش عارفين يرجعوا.
و الكحتين , يخزوا وين ما راحوا  , دواوينهم بتقرف, بطول الحديث عنها , صحبتهم اللي على شاكلتهم , عاملين زي فلم "عادل امام" , الساعة بخمسة جنيه والحاسبة عم بتحسب ,تعلقوا بلازمة فرق العملة  , لم يعيشوا يوما هانئين لا في الغربة ولا في وطنهم ,أتقنوا عميات الضرب والقسمة , فهي الخليل والصاحب والأهل والولد , أقطروا  بالمصروف على أنفسهم ومن عاشرهم , والكّحتنة والبخل استشفي فيهم كالسرطان , علاجه صعب, وجوههم كالحة , حذفوا من قاموسهم , النخوة , الشهامة ,الكرم والجود .أساءوا لأنفسهم  أولا ولبلدهم ثانيا ولمن عاشرهم أو صاحبهم أو رافقهم ثالثا ,أكثرهم تظهر عليه علامات العازة والفقر , يتقنون فن الرد, بحجج مقنعة , لكن للأسف ليس بمكانها أو زمانها  , يقسّمون الفلس أثلاث وأرباع وأخماس بحجة أن الحسبة لا تفسد الصداقة , لا يعزّمون ولا يضيّفون لإعجابهم ب"American System" ,وإن حان الدفع تغوص أيديهم بحثا ببئر جيوبهم الكثيرة أو لنزعها من جيوبهم الضيقة كما ينزع الشوك من كف القطن , لا يشترون التلفاز بحجّة الإذاعة بحر , ولا يتصلون بأهاليهم بحجة أن الرسائل أحلى وابهى , عندما تحتاجهم لا تجدهم على مبدئهم " help your self" , وإذا احتاجوك رموا بلاهم وقرفهم عليك , بحجة الناس للناس , والكف على الكف رحمة , تحتار بصحبتهم إذا أكرمتهم استغلوك , وإن قاطعتهم فضحوك .
وأسأل الله أن أكون أنا وأنتم من جماعة الوسط  بين البينين , نعطي حين ينبغي العطاء , ونمسك حين يجب الإمساك , فالعطاء حين يجب الإمساك  عبارة عن صرف وتبذير , والإمساك في وجوب العطاء كحتنه وبخل , ويستوي بين القطبين الكرم والجود وهو المحمود المطلوب , وهو الذي أمر الله به نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله :{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }( الإسراء 29)، وامتدح به عباده المؤمنين بقوله :{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما }(الفرقان 67) .

الغربة ستأخذ منكم وتأخذونا منها , فهي مصلحة متبادلة, مثلوا أنفسكم وبلدكم خير تمثيل , حتى تفتحوا المجال لإخوانكم الآخرين , وغربة الخليج لها طابع خاص , خصوصا أنها تجتمع فيها الملل والطوائف والأديان في مكان واحد , بنصحكم تعيشوا التجربة  , خلّيكم مثل النحلة تأخذ وتعطي أحسن ما يكون , أنا عارف طولت عليكم السيرة , وبكره يومنا طويل , نخلي لكم اليوم ترتاحوا وتناموا بدري ولنا لقاء إن شاء الله "
  

إلى اللقاء في الحلقة القادمة من مسلسل "غربة فرج"




المؤلف : عبدالرحيم محمد الحــــــــــافي










"مدونة الحــــــــــــــــافي" Created by A.Raheim Mohamed Alhafi is licensed under a Creative Commons Attribution 3.0 United States License. Based on a work at www.alhafi.spaces.live.com/blog. Permissions beyond the scope of this license may be available at alhafi@alhafi.org

2 comments:

Osama Kayed said...

يعطيك العافية :)، جهد متميز يستحق التقدير، الجيل الجديد سوف يجد صعوبة في فهم بعض التفاصيل، فهي موجهة بإعتقادي إلى الجيل في الفئة العمرية من ثلاثين إلى خمسين سنة بحيت تشعر القارىء بأنه يعيش القصة...

Unknown said...

صدقت أخي لكن تبقى الغربة غربة وتعيد نفسها فأحداثها تعود بحلة جديدة