Pages

Saturday, February 21, 2009

غربة فرج-الحلقة الخامسة– غراب البين --نقنق

"غربة فرج"
 
clip_image001


حطت الطائرة بسلام , وكابتن الطائرة  يهنئ الركاب بسلامة وصولهم أرض الخليج على  متن طائرة ايرباص 320  , متمنيا لهم طيب الإقامة و ورؤيتهم مرة أخرى على طيران الخليج  , الساعة الآن تشير إلى الرابعة والنصف عصرا بتوقيت دولة الخليج , درجة حرارة الجو 42 درجة مئوية والرطوبة 80% , وفرج يتمتم "سافرت والحرارة عندنا 17 و البدلة راحت ما تسيح عليّ , كيف هسع ال 42؟؟ بطلع مثل قلاية البندورة!!! , حتى الحرارة بتفرق في الخليج الضعف مثل العملة!!!  و 80% تطلع أيش؟؟ أول مرة بسمع بيها!!  , ما علينا من الأرقام هسع بنشوف الخبير وينه , وبعدين الله بفرجها" ,  عينه على أستاذه رغم تجمع الركاب بالممرات وحجب الرؤية , وأبت شهامة ابن البلد أن يترك  الامووور مرمي على الكرسي , فحمله وضمه إلى صدره , وتقدم الام والرضيع وحمل معهم الحقائب والاكياس, حتى وصلوا مدخل الطائرة , والمضيفات كما بدوءا إنجليزي ولبناني على خليجي "مع السلامة" , "جود باي" , "يخلي لك البوبو" , "يينّنن=يجنّنن" , "بيآخد العأل" , وفرج  يكفيه أن يطأطأ رأسه استحسانا .
وبدء الركاب يعبرون بين ممرات المطار سرايا متتابعة يتبعون الإرشادات والعلامات إلى المخارج والجوازات والترانزيت , برودة منعشة من كل مكان  داخل هذا المطار الصغير المتواضع , الذي يظهر عليه الرتابة والأناقة والنظام , وزاد من زينته لطافة أهل البلد بوجوه باسمة وكلمات مرحبة.
وهنا أيقظ فرج رفيق رحلته  الاموووور وقبّله بحنان , وطلب من الأم مسامحته لعدم القدرة على استكمال واجبه معها , وسلام من كلا الطرفين , مع إعطائه رقم العمل لزوجها بحالة حاجته لأي خدمة . وهو أخ عزيز مرحب فيه بأي وقت في بيت أهله الثاني .
وألتم الشمل بين فرج والأستاذ جهاد عند معبر الجوازات , مع لحظة قدوم مندوب الوزارة لاستقبال المتعاقدين الجدد , ومباشرة سلام وعناق حار بين الأستاذ جهاد ومندوب الوزارة , يهنئه بسلامة العودة , مع أخذه جانبا ونظرة إلى فرج , للتوصية عليه , هذا مما أثار السعادة بنفسه , والعودة إلى فرج وإخباره  أنه سيراه غدا بمشيئة الله , فور توزيعهم على الفنادق , وأنه سيستأذنه اليوم فقط للقاء الاهل والأحباب .
وهنا بدء مندوب الوزارة يرحب بالمتعاقدين الجدد ببلدهم الثاني , ويخبرهم بأن الوزارة خصصت لهم سكنا في فنادق محترمة لمدة عشرة أيام , وأن عليهم مراجعة المبنى الرئيسي للوزارة لتوزيعهم على المدارس والإدارات , وطلب منهم جوزاتهم لتخليص إجراءات المطار بسرعة , بدءا من الأستاذ فرج , مع طلب الانتظار لحين تخليص المعاملات .
وانتهت إجراءات المطار وتجميع الحقائب والتفتيش , وليس عليهم إلا الخروج من مبنى المطار , وما أن فتح الباب الخارجي , إلا وكأن عزرائيل جاهز لسحب الأنفاس , أو كمن يتنفس تحت الماء , الآن اتضح سر الرقم 80%!!  ما هيته؟؟؟ , باقي 20 % , وفرج يلحق عبدالحليم حافظ بقبره , ويغني معه  "إني أتنفس تحت الماء ,,إني أغرق. أغرق....أغغغ" , وبدت ملابسهم كأنها منقوعة بالماء , وشعورهم ملبدة , وبانت من تحت قمصانهم شعور صدورهم , وما هي إلا لحظات حتى حضر الباص المكيف , ليجمع ما بقي فيهم من أنفاس.
وتراكض الجميع نحو الباص , ورموا بجثثهم على الكراسي , والبعض في تأفف ونعيق متواصل  , جملة من هنا وأخرى من هناك ,  "هسع عرفت ليش اللي بتغربوا بندفنوا  بأرضهم؟؟ إن شاء الله بس أجمع  الثمان تالاف دين , عليّ الجيرة  , ما بظل ولا ثانية , ساق الله على هوى بلادي , كني كاين مهبول أترك شفّة الشاي تحت الزيتونة, وشقحة البطيخ المصقع مع الجبنة البيظة " وآخر.. " شكلي بّدي أحجز رجعة من بكرة الصبح , المشكلة روّحت المرة والأولاد على بيت أهلها عبين ما أجيبهم على الخليج ,و بيتي اللي بالجوفة تركته , حوينه عليه أيجاره 65 ليرة , وما بلاقي زيه , وأثاثي جديد طخ عمره 5 سنين من يوم ما تجوزت بس ,  هديته لأخوتي  " , وتعلو جملة من الخلف "شو ه الجحيم ...فرن...مقلى...يا زلمة شو هاظ؟؟؟ ...معقول؟؟...والله يا زلمة كأنك قاعد بفرن...قال ألف نيرة!!. يلعن أخت النيرة. على أخت الغربة يا زلمة الناس كيف عايشه هون؟؟...غصبن عنه بدّوا يطلع عندهم نفط".
وبدء الباص بالحركة و المناظر الطبيعية والمباني تتقارب وتتباعد والشباب في المقدمة طبعا تروحت من البرودة واصلهم التكييف , يا عمي شو عليهم؟؟ , "شوف...شوف... ه المبنى ما أحلاه...كله أزااااز" , وآخر " لد...لد ..على  الجسر إحنا على ظهر المية , كيف مسوينه؟؟ مش خايفين يقعوا " , "وفرج ..بال....شو ه المرسيدس هاي ...والله  بطة بتوخذ العقل" , مع مقاطعة من شاب الفرن الذي لا يصله التكييف في الخلف , "فرن...بقلكم.. فرن...يا عمي... قلّاية...هسع يلعن أخت الشوارع على المباني..يا زلمة... لد ...بزرب عرق...بعبيلي سطل ميه" , مقاطعة من جانب جار الجوفة "هوووه .. يا خيوه....تحكوا مع المظوي السايق الهندي...يشغل لنا العوايّة , وإلا يفتح لنا شبابيك القبر " , وتبادل فرج وبعض الأخوة كراسيهم مع الشباب النقيقة على الله يخلصوا من نعيقهم مثل غراب البين, وما هي إلا ربع ساعة , والباص يقف أمام مدخل الفندق , والشباب النقيقة أبت إلا أن تدلوا بدلوها , " وااال هاي كل البحرين , ما بتجيش قد الزرقا , ما لحقناش انبورد , وإحنا مطارنا ساعتين بس من عمان , بدو سروة " , وتمت المقاطعة من فرج "الحمد لله على السلامة" , مع تنزيل الحقائب في ممر الفندق , وبانتظارهم مندوب الفندق , مرحّبا من جديد , جامعا  كل إثنين بغرفة. وسط ضجيج يعلو مع فتح أحد أبواب الديسكو والمرقص , ويخفت بإغلاقها ,  بالإضافة للهمهمات العالية من  الزوار , ورواد المطاعم , والعاملين , هذا بالإضافة للشباب النقيقة صوتهم يملأ المكان من لهجة ابن بلادي , أحدهم  يريد غرفة لوحده, ,وآخرين  يريدان أن يتشاركان في غرفة , ومجموعة لا تعرف ماذا تفعل ,وأين تذهب , واقفين مثل شيخ الكبة.  ومندوب الوزارة أكمل جميله  مع فرج بإعطائه مفتاح غرفته أولا يشاركه شاب وسيم متأنّق تظهر عليه علامات العز "ابن ناس"  , يضع نظارة شمسية على رأسه كطوق البنات, يلمع من النظافة كما المرآة . يتقدمهم عامل الفندق الهندي يجر حقائبهم بعربة إلى المصعد, وهنا بدء ابن المدينة "معاك  المهندس تامر" , " ثامر!!" , "يا زلمة تامر من وين جيبت النأطة الزيادة , أمسكها وزتها بالبحر, بصفي عندك , تامر بس, وحضرتك", معاك أخوك فرج","فرججج ","يا زلمة بقولك فرج ونقطة وقف , وأنت تنطقها زي اللي برن على جرس, بتزيد معك حرفين , امسكهم وزتهم بالبحر , بطلع معك فرج, اللي هو حضرتي " مع استظراف من الجانبين حتى وصلوا الغرفة , وفتح بابها, كأنك تفتح باب الثلاجة , برودة منعشة مصحوبة برائحة الأثاث الجديد بأضواء جانبية خافتة. تقدمهم العامل , مفرغا حقائبهم , وفتح لهم الخزائن ,  وأشعل لهم التلفاز , ووقف منتصبا بزيه الأنيق كالشمعة التي تحترق من أجل الآخرين , استحسان من تامر "Thank you" ويمد عليه تامر بدينار خليجي , كبقشيش على حسن الأداء , وهنا فرج يهمهم "دينار خليجي ...يعني دينارين أردني ...بس على جرّة عرباي....بال...بلا مدرس وبلا بطيخ ...ما أشتغل عربجي أحسن لي " , ويلحق بالهندي عند الباب , "شكرا كثير إلك على ه الخدمة"  والعامل يطأطأ رأسه يمنة ويسرة لا تعرف استغرابا أم استحسانا , وفرج يراها استبهال , حتى كاد أن يغلق الباب على أصبعه . 
وهنا تبدء مناظرة عكسية غير مقصودة بين ابن المدينة وابن القرية  , فهذا ابن القرية , "غرفة بطيّر ضبان العأل " , والآخر "معقولة", ثم  يفرغ حقيبة يده "اديداس" أصلية , بما فيها من "سنيكرز" , "مارس" , "كت كات" وكريمات شعر وبودي لوشن وجل ومعجون أسنان , والآخر يفرغ حقيبة يد "ابيباس" تقليد ويلحقها ببرطمانات التطلي=المربى الفارغة و المعبأة بالمقدوس واللبنة بالزيت والزيتون والدبس ملفوفة بأكياس سوداء يرشح منها الزيت وتلمع من الدبق وفرشاة الشعر منها وفيها بالإضافة لراديو أحمر صغير من هدايا العمرة أو الحج , ونظرة خاطفة من فرج على حاجات تامر.

فرج :  "واااال كل هاي أدوية"
  
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة من مسلسل "غربة فرج"
المؤلف : عبدالرحيم محمد الحــــــــــافي
 
clip_image003

وشكر خاص لصديق الغربة وصاحب فكرة هذه الحلقة الأستاذ : ياسين الشياب

yassinAlshayyab








"مدونة الحــــــــــــــــافي" Created by A.Raheim Mohamed Alhafi is licensed under a Creative Commons Attribution 3.0 United States License. Based on a work at www.alhafi.spaces.live.com/blog. Permissions beyond the scope of this license may be available at alhafi@alhafi.org

No comments: