Pages

Wednesday, November 6, 2013

السؤال ليس نقصا أو غباءا وإنما أحيانا قمة العقل والعبقرية


كنت أستمع ذات مرة إلى الدكتور إبراهيم الفقي وهو يحكي حكاية حازت إعجابي بشدة؛ بل لا أكذبكم القول إذا قلت إنها أصبحت سبباً في تعديل كثير من موازين حكمي على الأمور وعلى الحياة.

تحكي أحداث الواقعة عن إحدى الفتيات التي تناولت الغداء عند صديقتها، وأعجبها طبق السمك المقلي، الذي كان الطبق الرئيسي على المائدة؛ فأصرت أن تعرف من صديقتها طريقة عمله بالتفصيل، حتى تعيد هي عمله بمفردها.. فاصطحبتها صديقتها للمطبخ، وبدأت معها من الصفر حتى وصلت لمرحلة قلي السمكة؛ فقطعت رأسها وذيلها، ووضعتها في المقلاة.. وهنا تساءلت الفتاة عن سرّ قطعها للرأس والذيل قبل القلي؛ فأظهرت الصديقة عجزها عن فهم ذلك السرّ الذي تلقّته من والدتها هكذا مباشرة.

لكن الفتاة أصرّت أن تعرف حقيقة ذلك؛ فربما يكون له تأثير على طهو السمكة أو نكهتها أو تماسكها... إلخ؛ فما كان من الصديقة إلا أن أخذتها إلى والدتها، وسألا معاً الوالدة عن سرّ قطع الرأس والذيل.. ومرة أخرى كررت الأم جهل ابنتها بهذا السر الذي أخذته هي أيضا مباشرة من والدتها.

لكن الفتاة لم تقف عند عجز صديقتها وأمها، وأصرّت على الاتصال بالجدة لتعرف سر قطع الرأس والذيل.. وأخيراً تكشّف الأمر لما قالت الجدة بكل عفوية: ليس هناك سر ولا غيره، كل ما في الأمر أن مقلاتنا كانت صغيرة لا تكفي لوضع السمكة بالكامل فيها؛ فكنا نقطع الرأس والذيل!!

كذلك نحن يا أصدقائي، وكذلك كان مَن قبلنا، وكذلك سيكون الكثير ممن يأتون بعدنا، وهي أنهم يأخذون ما ورثوه من معتقدات وأفكار كمسلّمات، يصعب التشكيك فيها أو الخروج عليها، أو حتى إعادة التفكير فيها، وفي حقيقتها وفي مواءمتها للواقع وللحياة الآن؛ سواء كانت هذه المعتقدات معتمدة على وقائع، أو تجارب، أو خرافات تناقلها الأجداد والآباء.. أليست هذه هي الحقيقة؟


إذا السؤال ليس نقصا أو غباءا وإنما أحيانا قمة العقل والعبقرية

فلولا تساؤل نيوتن عن ماهية سقوط التفاحة ...لما توصلنا لقانون الجاذبية ولا نكون تابعين دائما ونقول هذا ما وجدنا عليه أباؤنا وأجدادنا



منقول --------




No comments: