Pages

Wednesday, December 28, 2011

ضجيج الخرسان في عالم الطرشان


ضجيج الخرسان في عالم الطرشان
عبدالرحيم الحافي


حان الوقت للكتابة في هذا الموضوع خصوصا بعد تفشي انتشار الأجهزة الكفية المحمولة وذلك بتهافت وتنافس العروض المنهاله من قبل شركات الاتصالات لآخر صيحات الأجهزة الكفية من الموبايلات من مختلف الشركات العالمية بمختلف أنظمة التشغيل الداعمة لخدمات الاتصالات السمعية والمرئية واللمسية والإنترنت، بالإضافة إلى التسهيلات الخيالية التي تفوق الخيال من حيث تسديدات الدفعات وسرعة وكفاءة الخدمة، وأكاد أجزم أنه بات الطفل من عمر العشر سنين إلى الكهل الكبير بحوزته أحد هذه الأجهزة ليست الذكية فقط بل العبقرية، هذا إن لم يكن يملك أصلا أجهزة ذكية بالكبس وليس باللمس لرقم اتصاله القديم كاحتياط، خصوصا أن الأرقام الجديدة والمتناسقة مقدمة مع الخدمة، حتى أصبحنا كما يقال ( خرسان نحاور طرشان ).
ومما شجعني على الكتابة في هذا الموضوع ، أنني ومجموعة عزيزة علي قلبي من الأصدقاء منذ سنين اعتدنا أن نجتمع في يوم محدد من أيام الأسبوع، نتناقش فيه أمورنا وأحوالنا بالإضافة لأحاديث من هنا وهناك في الثقافية والسياسية والتكنلوجية والدين حتى النكت والفوازير، بمصاحبة وجبات عشاء خفيفة ومشروبات ساخنة وباردة ويقتصر على بعضنا التدخين والنرجيلة، لذلك كنا نشتاق لهذه الجمعة الرائعة الخالية من اللغو والنميمة، لنترك أعباء الحياة والعمل خلفنا، ونكون حاضرين بموضوعات شيقة ورؤوس أقلام واخزة في شؤون كثيرة.. فكان لكل منا عشر دقائق خاصة بحصته من الجلسة للحديث بموضوعه الخاص أو التعليق على موضوع مطروح للنقاش..
في الجلسة الأخيرة، كان أحد الأصدقاء من أصحاب الموبايلات "أبو كبسة.. الموبايل الذكي " يتحدث إلينا، وهو من الشباب المثقف الواعي، بالإضافة إلى أنه "صاحب نكتة"، وباقي أفراد الجلسة أصحاب الآيفون والجلاكسي والبلاك بيري أصحاب الموبايلات العبقرية تغوص أعينهم في هذه الكائنات الآلية الذكية والعبقرية .. يترقبون ويمعنون ويقرأون، لكنهم لا ينسوا أن يقدموا للمتحدث ايماءات خاطفة وسريعة كتعبير عن متابعتهم له، واستحسانهم لما يقوله، مع بعض ابتسامات صفراء مسروقة تأكيدا على المتابعة والاستحسان للحديث والصديق المتحدث، الذي يكتشف أخيراً زيف متابعتنا وزور استحساننا، فيقلب موجة الحديث بلغة برطمية غير مفهومة فرنسية على هندية على فارسية على عربية، والمضحك أن المعظم أكمل إيماءاته وابتساماته واستحسانا ته المغشوشة، وهنا توقف صارخا " يلعن.... الموبايلات اللي خلتكم ( مفهيين ) مثل الموتى، تارك بيتي وأولادي حتى اجتمع معكم " وهنا بدأت المقاطعة نتأسف بس –كنت –بانتظر—أنا معاك...
حقيقة أنا رغم اتصالي الوثيق بالتكنلوجيا ومحاربتي لهذه الظاهرة في كل جلساتي ومحاضراتي، إلا أنني في هذا اليوم، في هذه الجلسة كنت من "المفهيين" أيضا، أتابع كليب من اليوتيوب عن قط ينوح كالإنسان وصلني من خلال برنامج "الواتس اب" من صديقي الذي يقابلني في نفس الجلسة على أساس أنه "خاص وسري".. على العموم، عملنا على تطييب خاطر صديقنا، وتعاهدنا أن نجتمع بوجود هذه الموبايلات العبقرية ولكن أن نكون كلنا آذان صاغية وعقول واعية، فقد أخذتنا هذه الأجهزة لأبعد من المتوقع، وأخذت منا الكثير، وحولتنا إلى كائنات افتراضية، وأفرغت واقعنا من معنى التواصل الحي، إلى واقع يكرس الرقمية، حتى تحولنا جميعا إلى كائنات افتراضية رقمية، والفيديو المرفق، يظهر كم هذه العالم أصبح مسروقا من واقعه، الحي إلى واقع افتراضي بلا روح. الموضوع ذو تشعبات وتفريعات كثيرة، لذا يحتاج لوقفة ثانية للحديث حول آثار الموبايلات العبقرية على حياتنا.



Tuesday, November 1, 2011

العطاء الوظيفي تحت إدارات فاشلة !





كل يوم تتجه نملة صغيرة إلى مقر عملها بكل جهد ونشاط، وتبدأ باكرا قبل الجميع، حيث كانت تنتج بكل سعادة وعطاء.

استغرب الأسد (المسئول) من كفاءة النملة التي كانت تعمل دون إشراف، وفكر بما أن النملة تعمل بهذه الطاقة دون توجيه، فكيف سيكون عملها في حالة وجود مشرف متخصص.

وهكذا اتخذ الأسد قرار بتوظيف صرصار لديه خبرة في الإشراف وكتابة التقرير، فكان أول قرار للصرصار (المدير) هو وضع نظام صارم للحضور والانصراف، لكنه فوجئ بحاجته لتوظيف سكرتارية لكتابة التقرير وغيرها، فقرر تعيين عنكبوت (مساعد) لشئون الإدارة والأرشيف ومراقبة المكالمات الهاتفية.


ابتهج الأسد بتقارير الصرصار، وطلب منه تطوير التقارير اكثر لتشتمل على رسوم بيانية توضح وتحلل المعطيات بعمق اكثر لعرضها في اجتماع مجلس الإدارة، فقام الصرصار بشراء جهاز كمبيوتر وطابعة ليزر وبعض الأدوات المكتبية، بالإضافة إلى تعيين ذبابة للإشراف على قسم انظمة المعلومات.


النملة التي كانت تنتج وتطور ادائها بحرية كرهت كثرة الورق في النظام الجديد والاجتماعات المستمرة المتتالية التي كانت تضيع وقتها.

هنا شعر الأسد بوجود مشكلة وقرر تغيير آلية العمل في القسم بتعيين جرادة لديها خبرة سابقة في التطوير الإداري، فكان أول قرار اتخذته الجرادة هو شراء أثاث وسجاد جديد لتحسين راحة الموظفين، بالإضافة إلى شراء جهاز كمبيوتر وتعيين مساعد شخصي كان يعمل معها ف السابق لمساعدتها على وضع الاستراتيجيات التطويرية وتقنين الميزانية.

القسم الذي كانت تعمل به النملة وحدها صار مزدحما حزينا لا يوجد فيه مكان للضحك والإحباط صار مسيطرا على كل الوجوه، فتقدم الصرصار باقتراح للأسد لدراسة البيئة العامة للعمل في محاولة لاستعادة الروح التي كانت تميز المكان.


وبعد مراجعة تكلفة التشغيل وجد الأسد أن التكلفة السابقة أقل بكثير جدا من التكلفة الحالية وأن القسم لم يعد يدر أرباحا كالسابق، ومن الضروري تقليص النفقات باي شكل، فقام بتعيين بومة كمستشار إداري ومدقق داخلي للعثور على حل مناسب للمشكلة.
وبعد دراسة دامت ثلاثة أشهر، قامت البومة برفع تقرير مطول منتفخ الأوراق كانت ابرز نتائجه أن القسم يعاني من تضخم غير مقبول في عدد الموظفين لا يتناسب وحجم الإنفاق والعائد الذي يدره، فاتخذ الأسد قرار فوري بفصل النملة لسلبيتها وتقصيرها في مهامها الوظيفية !!

منقول من قصة إنجليزية--------